معالم ولاتية زارها رئيس الجمهورية/صباري اب
قام رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، بعد أدائه صلاة الجمعة في مسجد ولاته العتيق يوم 08 دجنبر 2023 م، بجولة في الحي القديم زار خلالها بعض معالم المدينة التاريخية، وذلك ضمن برنامج نشاطاته في مهرجان مدائن التراث.
بدأت جولة الرئيس من المسجد العتيق مرورا بحي الشرفاء ورحبة بارتيل ثم صعد إلى رحبة اكدنو والظليلة وبنبري ثم رحبة البير فرحبة شيخو ورحبة الجاكة وبها ختم جولته ثم نزل إلى المركز الصحي للمدينة.
وكان أستاذنا باب ولد اباتي مرافقا للرئيس في هذه الجولة ولاشك أنه قدم له شروحا وافية عن هذه المعالم وعن من سكنها من العلماء والصالحين.
ولكي تعم الفائدة سنحاول التعريف بهذه المعالم.
أولها المسجد العتيق أقدم معالم المدينة : بني المسجد في القرن الأول الهجري أو في الثاني. ويقال إن بانيه العاقب بن عقبة بن نافع وهو من الفاتحين الأوائل وربما يكون هو الذي فتح ولاته ونشر الإسلام في المنطقة. وقبره بالمسجد. ومتواتر عند أهل ولاته وجود القبر بالمسجد، وأدركنا من أسلافنا من يعرف القبر واضح المعالم عن يمين المحراب. وفي يوم 24 رمضان 1332 هجرية الموافق 16 أغسطس 1914 م، كما في حوليات ولاته، انهدم المسجد انهداما لم يعهد مثله وانهدم الكثير من دور المدينة من كثرة المطر. فتهدم القبر وخفيت معالمه. إلا أن مكانه بقي معروفا عن يمين المحراب كما ذكرنا. ويسمى هذا العام عند أهل ولاته “عام بق الماء”. ذكر العلامة الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيد المختار الكنتي في “الرسالة القلاوية” أن العاقب بن عقبة هو باني المسجد وأنه مدفون به. وقال الفقيه القاضي الطالب بوبكر بن أحمد المصطفى المحجوبي الولاتي في كتابه “منح الرب الغفور” : أدركنا عند أسلافنا أن المسجد بني في القرن الثاني الهجري. وتأسيسا على هذا يكون مسجد ولاته العتيق هو أقدم المساجد بموريتانيا.
وعند خروج الرئيس من الباب الجنوبي الغربي للمسجد مر بدار الولي الكامل ذي الكرامات الشهيرة والبركات الغزيرة الشريف سيدي محمد ولد مولاي علي المتوفى سنة 1304 هـ (1887 م). وهي الآن دار حفيده المرحوم باب قادر ولد اب ولد مولاي شريف ولد سيدي محمد ولد مولاي علي. ثم مر بدار الشريف الظريف باب ولد ددي ثم دور الشرفاء الكرام الأسخياء الأتقياء أهل لخليفة وأهل اب عمار.
ثم رحبة بارتيل عباد الليل. وبها دار العلامة القاضي المدرس إمام مسجد ولاته محمد جدو ولد محمد الأمين اليونسي البرتلي خؤولة ودارا المتوفى سنة 1986 م ودار أخيه النحوي لحبيب ولد محمد الامين، ودار الفقيه المقرئ الإمام محمد عبد الله ولد عبد الرحمن البرتلي رحمه الله المتوفى سنة 1992 م. وكان محمد عبد الله (طالبنا) متقنا للقرآن الكريم حسن الإقراء له. قرأ عليه الآباء وأبناؤهم كتاب الله العظيم في محظرته التي استمر عطاؤها خمسين سنة.
وللسادة الكرام بارتيل عباد الليل تاريخ مجيد طويل بولاته. عمروا ولاته بالإيمان والدين والعلم والفضل أربعة قرون أو أكثر. رحم الله سلفهم وبارك في خلفهم.
ثم رحبة اكْدَنُّو رحبة أهل علي ولد الشيخ. ومعنى اكدنو بلغة أزير : الجبل الصغير. وبرحبة اكدنو دور السادة المحاجيب خاصة أهل الشيخ بن المحجوب، وهم بيت علم ورئاسة بارز جدا تسلسل فيه العلم والفضل والرئاسة أكثر من ثلاثة قرون. منهم الولي الصالح ذو الكرامات الشهيرة والبركات الغزيرة عمر الولي بن الشيخ بن المحجوب المتوفى سنة 1070 هـ (1660 م). وبرحبة اكدنو كذلك دور ومحظرة أهل شيخنا محمدي بن سيدي عثمان التاكاطي الداودي.
ثم سقيفة الظليلة وهي معلم بارز من معالم ولاته. وهي في دور السادة الكرام أهل باب عمر وأهل انبويه من آل أحمد الولي المحجوبي. وهم بيت علم وفضل ورئاسة. منهم العلامة انبويه ولد باب أحمد المتوفى سنة 1277 هـ صاحب التأليف في المذاهب الأربعة. وعمه العلامة قاضي ولاته صاحب مجموع النوازل انبويه ولد محمد بويه المتوفى سنة 1221 هـ. وبها كذلك دور السادة العلماء الفضلاء آل حمه بوكفة المحجوبي.
وهي مكان للدرس والاستراحة. وكان العلماء يجلسون بالظليلة للتدريس خاصة في فترة الصيف وقت الضحى للطافة هوائها. ربما دَرَّسَ بها العلامة أحمد الولي المحجوبي المتوفى سنة 1095 هـ. ودرس بها أبناؤه العلماء من بعده. وكان والدنا اب ولد شيخنا محمدي رحمه الله يجلس للتدريس على مصاطب منزله (آبناب) الملاصق للظليلة وربما جلس فيها في بعض الأوقات.
ثم بَنْبَرِي وهو مصطبة أهل حم انباب من أهل الشيخ عبد الله بن أحمد لعويد الأحمدي المحجوبي. وهم بيت فاضل كانت فيه إمامة مسجد ولاته. تولى الإمامة منهم الإمام الفاضل الفقيه سيدي عثمان بن الشيخ عبد الله بن أحمد لعويد المتوفى سنة 1155 هـ. وكذلك ابن أخيه الإمام الفاضل أبوبكر بن محمد اسر المتوفى سنة 1261 هـ.
وكانوا يجلسون ببنبري خاصة في آخر النهار وأول الليل لتبادل الأخبار والسمر.
وبنبري الآن جزء من دار المرحوم اب ولد سداتي كما هو معلوم.
ثم رحبة البير وبها دار العلامة الفقيه اللغوي الشاعر المجيد انبويه بن الإمام الأحمدي المحجوبي المتوفى سنة 1260 هـ. آلت ملكية دار العلامة انبويه إلى أبو بن العلامة محمد يحيى الولاتي رحمهم الله. وأدركنا بها زوجه المرحومة النانية. وبرحبة البير دار العلامة شيخنا الشيخ سيدي محمد بن عابدين الكنتي من أولاد بوسيف المتوفى سنة 1948 م. جاء شيخنا الشيخ سيدي محمد إلى ولاته ودرس بها على جدنا شيخنا محمدي وعلى العلامة محمد يحيى الولاتي. وكان يحفظ اثني عشر متنا في المذهب وتولى التدريس في محظرة شيخنا محمدي بعد وفاته رحمه الله سنة 1918 م. وبرحبة البير دار المرحوم الحافظ لكتاب الله سليل العلماء سيدي محمد بن العلامة محمد المختار بن العلامة محمد يحيى الولاتي رحمهم الله.
ثم رحبة شيخو وهي في حي السادة إديلبه. وبها دار الفاضل المكرم الحاج شيخو بن أحمد دَنَّه الإيديلبي الزحافي. كان شيخو رحمه الله سخيا تقيا فاضلا حج بيت الله الحرام سنة 1181 هـ، وتوفي بولاته سنة 1213 هـ . وهي الآن دار المرحوم الفتى الأديب الأريب ابن عمتنا اب ولد سيدي محمد رحمهم الله. وبرحبة شيخو دار الفقيه النجيب الداه ولد أيده ولد محمد الطفيل رحمهم الله.
ثم رحبة الجاكة وبها دور السادة إديلبة. وعن يمين الرحبة دور السادة العلماء الأجلاء أهل الحاج أبي بكر بن الحاج عيسى السيداوي القلاوي الولاتي.