سيد احمد البكاي ولد عو … الأصالة والنبوغ والإبداع

النابغة و الرمز وواحد من فنانين قلة تركوا آثاراً قوية في الذاكرة الجمعية للأمة و أسهموا بقسط وافر من صيانة التراث الوطني من ثقافة و ظرافة و أدب و تاريخ، الفنان الراحل سيد احمد البكاي ولد عو

 

ولد سيد احمد البكاي بمدينة تمبدغة او اتنيبه كما يحب تسميتها و أشتهر بأنه كان راوية للأدب الشعبي من أعلى طراز اضافة الى كونه مرجعًا في علوم الموسيقى و فنون الطرب و الايقاع و قد جمع باتقان بين مدرستي شيخن ولد اباشه في الحوض الشرقي و الشيخ ولد النانه في الحوض الغربي و استطاع ان يضيف اليهما من ابداعاته.

 

غنى ولد عو يومًا الأبيات :

شجى وشفى لما شدا وترنما :: فأنعس أيقاظا وأيقظ نوّما

وغنّى كأنّ العودَ صار له صدًى :: يحاكيه فى ألفاظه إن تكلّما

إذا ردّدت ألفاظه اللحن معربا :: أعادت لنا أوتارُه اللفظ معجما

 

و كانت تدل عليه دلت حين غناها، إذ شدا وترنم فشجا وشفا وكانت تدنيته طايبه وكانت تحاكي ألفاظه وتعجم إعرابه، لم يلحن في قراءة الأبيات ولم يكسر

 

كان ولد عوّه إلى جانب انتقائه للكلمات يُعنَى بزيه الذي كان أنيقا رغم بساطته وهو ما يلخصه العلامة الشفيع ولد المحبوبي في قوله :

ألا لله درك من أبيِّ :: أديب شاعرٍ حسن التزيِّي

ترنمُ بالقريض و حين تشدو :: تَرُدُّ أخا الرشاد لكل غَيِّ

فبينك والمغنين الشوادي :: كما بين الصبيحة والعشيِّ

 

ويقول له:

إن ابنَ عَوَّ حباه مانح المنح :: حسن الأغانى وحسن الخلق والملح

تخاله إن شدا إسحاق مبتهجا :: بمقدم الملك المامون في الفرح

 

لم يكن ولد عوه مناطقيا في محفوظاته ومروياته ما لاحظته أنه أنشد نصوصا لأهل تمبدغه ، وأنشد لسدوم ولد آبه الكبير ، وأنشد للأمير سيدي أحمد ولد أحمد العيده وأنشد طلعة اشواگير لأديب أهل لبراكنه ، وأنشد لامحمد ولد أحمد يوره ، ولمحمدن ولد أبنو المقداد أو محمدَن كما يقول..

 

كان ولد عو بالإضافة لفنه معروفًا بالطرافة فمن قصصه الخالدة ، حين زار دمشق قادما من المدينة المنورة، وحين سئل في العراق هل هو فنان من العرب فقال إن العرب ما عگبو أولاد امبارك ، وقصة رجل أهل الحيوان (الكسب لبيظ) الذي جاء إليه ولزمه يريد تعلم التدنيت.

بعد فترة من الزمن أراد ولد عوّه أن يختبر الرجل الذي آذن بالرحيل فسأله:

انت اشْعدتْ تعرفْ من أزوان؟

فأجاب الرجل: عت نعرف (الكَرْصْ)

فقال ولد عوّه: ذاك جيتنا تعرفو!! (وهي توريّة بديعة) لا يعقلها إلا العالمون.

وقصته مع محدَثِ النعمة الذي سأله حين غنى له (الكَرْصْ):

هو ولْ أعمر ولْ اعل مزالْ حي ؟!

فأجابه ول عوّ:

ماهِ امشابْهَ ولد أعمر ول اعل يلو كانْ حي ما انعود آن گاعد امعاك انتَ، زمّال من الطلبَه ما اتفاصل بين انتماس وبيگي نخبطلك التيدنيت..

 

في أحد مجالسه الظريفة البديعة، تحدث الشيخ سيد احمد البكاي ولد عَوَّه عما يعرفه في صديقه ولد حمنًّ من كرم حاتمي، قائلا إنه ظل يسلمه راتبه كاملا كل شهر.

فقال له المحاور: أليس هذا الرجل سفيها؟

قال ولد عو: هو ماهو سفيه، هو اندلوس!

 

واندلوس، كما هو معلوم، تحريف شعبي للأندلس. والمقصود أن ابن حمنَّ صار، من شدة كرمه سفيها، بل هو سفيه الأندلس! وسفيه الأندلس، حسب الأسطورة المحلية، هو رجل أندلسي اشترى كلبا بمصحف، نسأل الله تعلى العافية.

 

في يوم 26 مارس 2000 غاب نجم سيد احمد البكاي ولد عو رحمه الله و غاب معه الكثير من أسرار فن التدنيت والكثير من الأدب والظرافة.

 

منقول

زر الذهاب إلى الأعلى