المولد النبوي الشريف في ولاتة… طقوس احتفالية لافتة/ الأستاذ: محمد جدو اباهن

وسط الجدل المتجدد كل عام، مع حلول ذكرى المولد النبوي (12 ربيع الأول)، بين المؤيدين والرافضين للاحتفال بهذه الذكرى، فقد دأب الولاتيون كغيرهم من الشعوب العربية على الاحتفاء بهذه الذكرى السنوية وتخليدها بنوع من الطقوس الخاصة التي تواكب العشرين يوم من الشهر حيث تحيط بالخلاف حول مسألة تحديد ميلاد المصطفى عليه الصلاة والسلام مع ترجيح ليلة 12 ربيع الأول بحسب ما ذكر الكثير من أصحاب السير، فمنذ ثبوت شهر ربيع الأول يعمل الرجال الولاتيون على إحياء هذه الذكرى وفق برنامج محدد ومنظم حيث يجتمعون في الصحن الخارجي للمسجد فينقسمون إلي فرقتين يقومون يقومون بترتيل قصائد ديوان الوسائل المتقبَّلة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم للوزير الفاضل أبي زيد عبد الرحمن أبي سعيد يَخْلُفْتَنْ ابن أحمد الفازازي الاندلسي وتخميسه للشيخ الامام ابي بكر بن المهيب وبعض القصائد المديحية بعضها وافد مثل البرد للبصيري وأخرى محليه من انتاج علمائنا المحاجيب كقصيدة الإمام الفقيه اند عبد الله بن سيد أحمد المتوفي 1037ه التي مطلعها:
خير حمدى للإله وهو باق لن يزلا
صل على خير خلق وهو باق لن يزالا
جئت مدحا للنبي نظم قول ليس هزلا
مديح به فاز خيرا منتهاه لن ينالا
كما عمدوا إلي تذبل بعض القصائد كالمنفرجة لابن النحوي:

الحمد لله على كل حال الحمدلله على الفرج
صلوت الله على نبي حبيب شفيع مطلع نجد
اشتدي أزمة تنفرج قد آذن ليلك بالبلج
………………
وصحابته وقرابته وفاة الأثر على النهج
وعلى اتبعهم العلما بعوارف دينهم النهج
وعلى السبطين وأمهما وجميع الآل بهم تلج
يارب بهم وبئالهم عجل بالنصر وبالفرج
في حين تعمد النسوة على انشاد بعض القصائد المديحية وقد يشتركن مع الرجال في بعضها مثل :
شوقي لخير البشر الهاشمي الأطهري المصطفى من مضر
الطاهر المطهر
ولهن أيضا بعض القصائد من الشعر العامي ويسمى المديح الذي يقوم به الرجال بالمدح في حين يسمى المدح الذي تقوم به النساء التمجاد
وتقوم به النساء في بعض البيوت وقد كانت قديما تخصص له بعض الأماكن كالحوش لكبير ….
ورغم أننا لا نجد تاريخا محدد لممارسة المديح النبوي أو الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف عند الولاتيين فإننا نكد أنه رافد من روافد الثقافة المغاربية والأندلسية التي قلما يخلو منها منحى من مناحي الحياة الثقافية والحضارية الولاتية وإذا ما عدنا إلي المصادر التاريخية نجد ابن عذاري المراكشي يذكر أن يعقوب بن عبد الحق المريني هو أول خليفة احتفل بالمولد النبوي وأقام حفلا في فاس وأصدر ظهيرا أو أمر ينص على اعتبار عيد المولد النبوي عيدا رسميا وبذلك تم تعميم هذا الاحتفال بالمغرب.
وقد ثبت أن الموحدين كانوا يحيون ذكرى المولد النبوي بحفلات القرآن والأناشيد والشعر، كما ترجع أغلبية المصادر أن أسرة العزفيين من مدينة سبة هي أول من احتفل بعيد المولد النبوي الشريف بمبادرة من قاضيها أبي العباس العزفي السبتي المتوفى سنة 1236م/633ه صاحب كتاب الذر المنظوم في مولد النبي المعظم وذلك على عهد الخليفة الموحدي عمر المرتضى الذي قام بإحياء الذكرى بمدينة مراكش.

الاحتفالات بذكرى المولد النبوي في ولاتة
في ولاتة يتم إحياء هذه الذكرى كما هو في تيشيت ووادن وشنقيط مع بعض الخصوصيات والاختلافات بين المدن فمنذ حلول فاتح شهر ربيع الأول وإلي غاية يوم ميلاد الرسول أي يوم الثاني عشر من نفس الشهر تنطلق الاحتفالات والطقوس التي دأب الولاتيون على إحيائها تعظيما لمولد الرسول الكريم حيث يقام يوميا بمسجدها العتيق حلقات مديحية نبوية وتواشيح دينية تستمر إلي ليلة العيد حيث يقام حفل كبير في المسجد في باحته الخارجية وهي لا تحمل حرمة المسجد
يقدمونه حسب الأحرف الأبجدية يمدحون في كل ليلة ثلاثة أحرف من ابن مهيب وبعض القصائد المديحية ك:
ومذ ألزمت أفكاري مدائحه وجدته لخلاصى خير ملتزم
وهي من قصيدة البردة للبصيرى
كما يمدحون بعض القصائد الأخرى كالمنفرجة و ياسيدا :
ياسيدا جعلت في الأرض رتبته مع أن رتبته من أعظم الرتب
ليامن الناس إذ فيهم محمدهم من كل خسف ومكروه من النوب
ولهذه القصائد المديحية نظام خاص وضربات وأداء معين يقوم به المداحة حسب مقامات وضربات خاصة بعضها ولاتي وبعضها تيشيت

زر الذهاب إلى الأعلى