
مالا تعرفه عن الطاقة النووية
ماهية الطاقة النووية
يتكون كل ما في الكون من جسيمات صغيرة جدًا وغير مرئية تُسمى الذرات ويوجد كم هائل جدًا من هذه الذرات في كل مكان. مثلًا يتكون رأس دبوس صغير واحد فقط من ملايين من الذرات. ويسمى مركز الذرة بالنواة وهذا هو بالضبط مكان وجود الطاقة النووية.
الطاقة النووية هي الطاقة التي تجمع نواة الذرات، والذرات هي أبسط الكتل التي تتكون منها المادة وتحتوي كل ذرة في مركزها على نواة صغيرة جدًا وهي التي تُخفي في داخلها الطاقة النووية. ولكن بعض الذرات تكون مشعّة وتبث جزءًا من طاقتها النووية على شكل إشعاعات. وعندما يتم تحرير الطاقة النووية، فإنها تتحول إلى أشكال أخرى من الطاقة.
كيف يتم إطلاق الطاقة النووية؟
يمكن تحرير أو إطلاق الطاقة النووية من خلال عمليات تسمى الاندماج النووي والانشطار النووي. يحدث الانشطار النووي عندما تنقسم نواة الذرة إلى جزأين أو أكثر. يحدث الاندماج النووي عندما تنضم نواتان لتشكيل نواة واحدة وكلا الطريقتين ينتج عنهما كمٌّ هائل من الطاقة تحدث أحيانًا في الطبيعة كحدوث الاندماج النووي في النجوم كالشمس وهو الذي يشكّل مصدر حرارتها. ويمكن أن تُنتج نُوى أنواع معينة من الذرات طاقة نووية دون حدوث انشطار أو اندماج. تسمى هذه الأشكال من الطاقة بالإشعاعات، ومن أمثلة هذه الإشعاعات الحرارة والضوء.
كيف تم اكتشاف الطاقة النووية؟
اكتشف العلماء في الثلاثينيات من القرن الماضي إمكانية جعل الانشطار النووي يحدث في أنواع معينة من الذرات، وقد تم هذا الاكتشاف أثناء العمل مع ذرات مادة تسمى اليورانيوم، حيث قاموا بتقسيم نواة ذرة اليورانيوم إلى قسمين. يطلق الانشطار النووي الكثير من الطاقة. على سبيل المثال، ينتج عن انشطار نصف كيلوغرام من اليورانيوم قدرًا من الطاقة يعادل حرق 3000 طن من الفحم.
الطاقة النووية لتوليد الكهرباء
يمكن استخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء ولكن يجب بداية تحرير هذه الطاقة من الذرات، وهذا عمل المفاعل النووي وهو عبارة عن سلسلة من الآلات التي يمكنها التحكم في الانشطار النووي لإنتاج الكهرباء. يتم في المفاعل النووي تفكيك ذرات اليورانيوم وعندما يحدث الانقسام، تطلق الذرات جزيئات صغيرة تسمى نواتج الانشطار. تتسبب نواتج الانشطار في انقسام ذرات اليورانيوم الأخرى مما يؤدي إلى بَدْء تفاعل متسلسل فتولّد الطاقة المنبعثة من هذا التفاعل المتسلسل حرارة عالية. ثم تعمل هذه الحرارة على تسخين المواد المبرّدة للمفاعل والتي عادًة ما تكون ماءً، ولكن بعض المفاعلات النووية تستخدم معدنًا سائلًا أو ملحًا مصهورًا، فينتج البخار عن هذا التسخين، وهو الذي يُستخدم ليدير العَنَفات أو العجلات التي تدور بواسطة التيار المتدفق فتعمل هذه العَنَفات على تشغيل المولدات أو المحركات التي تولّد الكهرباء.
يتم استخدام قضبان معينة لضبط كَمّيَّة الكهرباء التي يتم إنتاجها. وتتكون هذه القضبان من مواد مثل عنصر الزينون الذي يمتص بعض نواتج الانشطار الناتجة عن الانشطار النووي، وكلما زاد عدد القضبان الموجودة في أثناء التفاعل المتسلسل، كان التفاعل أبطأ وسهل التحكم به ويمكن لإزالة القضبان أن تؤدي إلى تفاعل متسلسل أقوى وبالتالي توليد المزيد من الكهرباء.
يتم توليد حوالي 15 بالمائة من الكهرباء في العالم بواسطة محطات الطاقة النووية منذ العام 2011. حيث تمتلك الولايات المتحدة أكثر من 100 مفاعل، على الرغم من أنها تولد معظم الكهرباء من الوقود الأحفوري والطاقة الكهرومائية. وتُنتج دول مثل ليتوانيا وفرنسا وسلوفاكيا كل طاقتها الكهربائية تقريبًا من محطات الطاقة النووية.
فوائد الطاقة النووية
طاقة منخفضة التكلفة
على الرغم من أن تكلفة بناء محطات الطاقة النووية عالية في البداية، إلا أن إنتاج الطاقة منها رخيص نسبيًا وتكاليف تشغيلها منخفضة. بالإضافة إلى أن الطاقة النووية لا تعاني مشكلة تقلبات الأسعار التي تعانيها مصادر طاقة الوقود الأحفوري التقليدية مثل الفحم والغاز الطبيعي.
طاقة موثوقة
من أكبر فوائد الطاقة النووية أنها مصدر موثوق لتوليد الطاقة. أي، على عكس الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي تحتاج إلى أن تكون الشمس مشرقة أو تهب الرياح، يمكن توليد الطاقة النووية في أي وقت على مدار اليوم. هذا يعني أن محطة الطاقة النووية يمكنها إنتاج الطاقة دون توقف ولن تضطر إلى مواجهة أي تأخير في إنتاج الطاقة.
لا تُسبب انبعاثات كربونية
لا تنتج مفاعلات الطاقة النووية أي انبعاثات كربونية وهذه مِيزة كبيرة مقارنة بالمصادر التقليدية لتوليد الطاقة مثل الوقود الأحفوري الذي يطلق أطنانًا من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. حيث يُعدُّ ثاني أكسيد الكربون الزائد أحد الأسباب الرئيسة لتغير المناخ.
تأمين مستقبل إمدادات الطاقة
يُعدُّ الاندماج النووي كنزًا ثمينًا لإنتاج الطاقة، فإذا وُجدت إمكانية التحكم الفعال والآمن بالاندماج النووي فيمكن عمليًا الحصول على طاقة غير محدودة. في الوقت الحالي، توجد بعض التحديدات الخطرة التي يجب حلها بهدف تعميم استخدام هذه الطاقة على نطاق أوسع.
طاقة ذات كثافة عالية
تشير التقديرات إلى أن كَمّيَّة الطاقة المنبعثة في تفاعل الانشطار النووي أكبر بعشرة ملايين مرة من الكَمّيَّة المنبعثة عند حرق الوقود الأحفوري. لذلك، فإن كَمّيَّة الوقود النووي المطلوبة في محطة الطاقة النووية أصغر بكثير مقارنةً بأنواع أخرى من محطات الطاقة. وهذا ما يساعد على المساهمة في انخفاض تكلفة الطاقة النووية، حيث يمكن لمحطة طاقة نووية واحدة أن تنتج آلاف الميغاواط / ساعة من الطاقة.
أضرار الطاقة النووية
على الرغم من وجود العديد من المزايا الإيجابية لاستخدام الطاقة النووية، إلا أن هناك أيضًا الكثير من الآثار السلبية لها. فيما يلي أهمها:
الأثر البيئي
على الرغم من أن محطات الطاقة النووية لا تُصدر أي انبعاثات كربونية، إلا أن الطاقة النووية لها تأثير كبير على البيئة، وذلك خلال التعدين وتصريف المياه، حيث يجب تعدين اليورانيوم المستخدم في إنتاج الطاقة النووية. ويُعرف تعدين اليورانيوم على وجه الخصوص بإطلاق الزرنيخ والرادون وكلها لها تأثير سلبي على الصحة.
تسبب محطات الطاقة النووية أيضًا ما يُسمى بـ”التلوث الحراري“. وتقع معظم محطات الطاقة النووية عند المسطحات المائية كالبحيرات أو البحار والمحيطات. تستخدم المحطة النووية المياه من البحيرة أو المحيط بهدف التبريد وتكثيف البخار مرة أخرى في الماء. تؤدي هذه العملية إلى زيادة درجة حرارة المياه ثم يتم إطلاقها مرة أخرى في المسطح المائي. وعادة ما تبلغ هذه المياه الساخنة حوالي 100 درجة فهرنهايت مما يؤدي إلى تغيُّر بشكل كبير في كيمياء المحيط أو البحيرة التي يتم تصريفها فيها فيجعلها غير صالحة للسكن لمعظم الأحياء المائية فيها.
الاستهلاك الكثيف للمياه
تتطلب محطات الطاقة النووية الكثير من الماء لإنتاج الطاقة. ففي عام 2015 مثلًا، استهلكت الولايات المتحدة 320 مليار جالون من المياه لإنتاج الطاقة النووية، وهذا ماء أكثر مما يُستخدم في معالجة الفحم. ومع تفاقم مشكلة نُدرة المياه خاصة في مواجهة تغير المناخ، فقد يصبح هذا الاستهلاك الهائل للمياه غير مستدام.
خطر الحوادث نووية
تعتمد محطات الطاقة النووية تدابير أمان صارمة للغاية. ولكن يمكن أن تحصل الحوادث مهما كانت التدابير المُتبعة دقيقة. وقد يكون لانهيار محطة نووية تأثير كارثي على المناطق المحيطة وهذا معروف من أحداث مثل كارثة فوكوشيما وتشيرنوبيل.
يمكن في حالة حدوث انهيار نووي أن تتسرب إشعاعات ضارة مما قد يؤدي إلى آثار كارثية على البيئة وعلى صحة الإنسان. فمثلًا أدت حادثة تشيرنوبيل عام 1986 في النهاية إلى مقتل الآلاف حيث تراوحت التقديرات بين 4000 إلى 60.000 قتيل نتيجة للحادث. ليس ذلك فحسب، وإنما ما زال أكثر من مليوني شخص يعانون من مشاكل صحية. وبعد أكثر من 30 عامًا على مضي الكارثة، لا يزال الوصول محدودًا داخل منطقة تشيرنوبيل التي يبلغ طولها 19 ميلًا.
النفايات المشعة
لا ينبعث من توليد الطاقة النووية غازات دفيئة ضارة في الهواء ولكنّه يخلّف نفايات خطرة. إذ تظل النفايات الناتجة عن محطات الطاقة النووية مشعة بشكل خطر لآلاف السنين بعد استخراجها، وهنا تكمن العديد من المشكلات عند محاولة معرفة كيفية تخزين هذه النفايات المشعة.
تستمر النفايات في التراكم في محطات الطاقة النووية حيث لا توجد منشأة تخزين طويلة الأجل لها. وسيصبح تراكم هذه النفايات الخطرة مشكلة بمجرد نفاد مساحة التخزين لمحطات الطاقة.
طاقة لا مُتجددة
يُعرَّف مورد الطاقة المتجددة على أنه مصدر للطاقة لا ينضب عند استخدامه، أو يمكن أن يتجدد خلال عمر الإنسان. ومن أمثلة ذلك الطاقة الشمسية، فهي مثال على مورد متجدد لأن تحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء قابلة للاستخدام لا يُقلل من طاقة الشمس.
بينما تُصنّف الطاقة النووية كمصدر من مصادر الطاقة غير المتجددة. وذلك لأن الوقود المستخدم في المفاعلات النووية، وهو اليورانيوم، مورد محدود. فعندما يتم تعدين اليورانيوم تُستنفد الكَمّيَّة المتاحة ولن تتجدد خلال حياة الإنسان.
يعتقد الخبراء حاليًا أن اليورانيوم المُتاح يكفي لـ200 عام، مع افتراض استهلاك نفس معدل الإنتاج النووي. لكن إذا ارتفع الاعتماد على الطاقة النووية أكثر في المستقبل، فإن إمدادات اليورانيوم ستنضب بشكل أسرع مما قد يتسبب في مشكلات في السنوات المقبلة.
مستقبل الطاقة النووية
مع المزيد من التقدم التقني، يمكن أن يساعد مصدر الطاقة الخالي من الكربون في الوصول إلى مستقبل طاقة نظيفة. ولكن أشكالًا أخرى من الطاقة مثل الطاقة الحرارية الأرضية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية، قابلة للتجديد حقًا ويمكن أن تقودنا إلى مستقبل صحي أكثر وتتمتع فيه الأرض بُخضرة أكثر.
المصادر : twinkl.co