
بوتين يحشد لمعركة خيرسون وعقوبات ضد طهران بدعوى بيعها مُسيرات لموسكو
أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعليمات لكل روسيا بدعم المجهود الحربي في أوكرانيا، في الوقت الذي تستعد فيه إدارة مدينة خيرسون التي عينتها روسيا لإخلاء العاصمة الإدارية الوحيدة التي استولت عليها موسكو خلال الحرب.
وقال بوتين إن “نظام إدارة الدولة بأكمله” يجب أن يكون موجهاً إلى دعم المجهود الحربي في أوكرانيا.
وبث التلفزيون الرسمي الروسي صوراً لأشخاص يفرون من المدينة الاستراتيجية الجنوبية ووصف النزوح الجماعي من المنطقة باعتباره محاولة لإخلاء المدينة من المدنيين قبل أن تصبح منطقة قتال.
وقال حاكم خيرسون الذي عينته روسيا إنه سيجري إجلاء ما بين 50 و60 ألف شخص في الأيام الستة المقبلة. وإقليم خيرسون واحد من أربع أقاليم أوكرانية قالت موسكو إنها ضمتها من جانب واحد وأعلن فيها بوتين الأحكام العرفية الأربعاء.
وقال الحاكم فلاديمير سالدو للتلفزيون الرسمي: “الجانب الأوكراني يحشد قواته لشن هجوم واسع النطاق… لا مكان للمدنيين في مكان يشهد عمليات عسكرية”.
وتعتبر خيرسون الأكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية من بين المناطق التي ضمتها موسكو، إذ تسيطر على كل من الطريق البري الوحيد المؤدي إلى شبه جزيرة القرم الذي استولت عليها روسيا في عام 2014، وكذلك مصب نهر دنيبرو الذي يبلغ طوله 2200 كيلومتر ويقسم أوكرانيا إلى شطرين.
انقطاع الكهرباء
وكثفت روسيا هجماتها باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة على البنية التحتية للطاقة والمياه في أوكرانيا هذا الأسبوع فيما تسميه أوكرانيا والغرب حملة لترهيب المدنيين قبل الشتاء البارد.
وقال مسؤولون حكوميون والشركة المشغلة لشبكة الكهرباء إنه سيجري تقليص إمدادات الكهرباء في جميع أنحاء البلاد يوم الخميس بين الساعة السابعة صباحاً والحادية عشرة مساء. وقال مساعد رئاسي على تطبيق تيليغرام إن إضاءة الشوارع في المدن ستكون محدودة.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب بالفيديو مساء الأربعاء إن روسيا دمرت ثلاث منشآت للطاقة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
وقال حاكم أوكراني إن ضربة صاروخية روسية أصابت محطة رئيسية للطاقة في مدينة بورشتين بغرب أوكرانيا.
مُسيرات إيرانية
على صعيد آخر نفت موسكو وطهران في الأمم المتّحدة الأربعاء أن تكون المُسيّرات التي تستخدمها روسيا في شنّ هجمات في أوكرانيا إيرانية الصنع كما تتّهمهما بذلك كييف وحلفاؤها الغربيون وفي مقدّمهم الاتّحاد الأوروبي الذي يحضّر لفرض عقوبات على طهران بسبب هذه الطائرات.
وفي أعقاب جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن الدولي عصر الأربعاء على مدى ساعتين بطلب من الولايات المتّحدة وفرنسا وبريطانيا لبحث قضية المسيّرات الإيرانية، تناوب على الحديث أمام الصحفيين عند باب المجلس كلّ من نائب السفير الروسي ديمتري بوليانسكي والسفير الإيراني أمير سعيد إيرواني.
وبنبرة سخرية انتقد الدبلوماسي الروسي “اتّهامات لا أساس لها ونظريات مؤامرة وعدم عرض أيّ دليل على مجلس الأمن”.
وأكّد بوليانسكي أنّ المُسيّرات “التي يستخدمها الجيش الروسي في أوكرانيا صُنعت في روسيا” وبالتالي لا صلة لإيران بها.
بدوره سخّف السفير الإيراني الاتّهامات الموجّهة إلى بلاده بتزويد روسيا مُسيّرات عسكرية، معتبراً إياها “مزاعم لا أساس لها ولا جوهر”.
وجدّد إيراواني تأكيد أنّ الجمهورية الإسلامية تريد “تسوية سلمية” للنزاع في أوكرانيا.
وخلال تصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 أكتوبر/تشرين الأول على مشروع قرار يدين عملية الضمّ “غير القانونية” التي نفذتها روسيا لأربع مناطق أوكرانية، امتنعت إيران عن التصويت شأنها في ذلك شأن 34 دولة أخرى.
تهديد روسي
من جانبه لم يكتفِ السفير الروسي بنفي الاتّهامات الموجّهة إلى موسكو وطهران بشأن قضية المُسيّرات الحربية، بل وجّه تهديداً إلى كلّ من الأمانة العامة للأمم المتّحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش.
وقال بوليانسكي إنّه في حال أجرت الأمم المتّحدة تحقيقاً “غير مهني على الإطلاق ومسيّساً” لتحديد منشأ المُسيرات التي تستخدمها بلاده في أوكرانيا “ستتعيّن علينا إعادة النظر بتعاوننا معهم (الأمانة العامة)”، مشدّداً على أنّ إعادة النظر هذه “لن تكون في مصلحة أحد”.
وطلبت الولايات المتّحدة وفرنسا وبريطانيا عقد هذه الجلسة رغم أن روسيا تتمتّع في مجلس الأمن الدولي بحقّ النقض وبإمكانها أن تجهض أيّ قرار يمكن أن يصدر عن المجلس.
وأبلغت أوكرانيا منذ أسابيع عن شنّ روسيا هجمات بمُسيّرات إيرانية من طراز شاهد-136، وهي طائرات بدون طيار تنفجر رؤوسها الحربية في عمليات هبوط انتحارية، كما تحرّكت كييف لقطع العلاقات مع طهران.
وعام 2020 انتهى الحظر المفروض على مبيعات الأسلحة التقليدية الإيرانية، رغم محاولات إدارة دونالد ترمب السابقة تمديده.
لكنّ القرار يحظر حتى أكتوبر/تشرين الأول 2023 كلّ صادرات الأسلحة الإيرانية التي لا تجري بإذن مجلس الأمن في حال كانت تعود بالفائدة على قدرات الصواريخ البالستية.
وقال المتحدّث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل إنّ “تزويد إيران روسيا بهذه الأنواع المحدّدة من الطائرات بدون طيار يعدّ انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، وهي مسألة تخصّ مجلس الأمن الدولي”.