انكادي…. الطود الشامخ والشاهد على تقلبات الزمن
يُخيَّل إليك وأنت تُشاهد “انكادي” في كل مرة أن هذه النُّتأةُ الرّملية فاضت من كبد الأرض مرّة واحدة، على غفلة من قريناتِها المُتشكلة بمثابة حجاب حاجز ضمن سلسلة رصينة تبدأُ من الرّاجاط جنوبا مرورا بظهر حتى ولاتة شمالا.
يُقال إن الحوظ وُسم بهذه الصّفة للتّدليل على تقوُّسه لأعلى فكان مُتّسع لتجمُّع المياه الوافدة عبر كل مجرى ورافد، كان أيضا حاضنة لأسراب بشرية مُختلفة وعبر أظرفة زمنية مُتباينة.
فربما كان الشاهد الوحيد على كل التفاعلات الحياتية وحتى الكونية تلك، هذا “القلبُ المتحجر” والواقفُ في سكينة ووقار، فبصرت عينه إنسان هذه الأرض وهو يخصفُ عليه من ورق السّدر والقتاد علّهُ يستنجي بذالك من أشعة الشمس اللاهبة أو يعصُر منها تِرياقا يُجنبه مخمصة تُنجيه وبدنه ليّكون لمن خلفهُ آية.
لم يرتبط ذكر هذا الطّود أكثر من مُلازمته لأولاد امبارك الذين حكموا الحوظ فترة وعلى الرّغم أنهم مُتأخرين، فرُبما كان شاهدا على دفع ذاك الفتى اللّوذعيُّ المُتحمس لأخيه الأمير وهو ينفثُ:
بوسيف فات وساك ربّك
كل امساله احن بيها فوكن
الفارس إلا تلبتو تحكمو بيدك
وأحن ذيك يبوسيف تكودن
غير ذاك في رجلتن لايزهدك
أرجال أحن وامتان جلودن
يغير يجم لك بيه قلبك
الما جمّون بيه كلوبنا
رُبما راقب أيضا في ذهول المُتعجب! عقلية الإنسان المُتحورة وهي تُهين الطبيعة في مشهد أليم و مُستديم فيخلق من الطين والحجارة والخشب مواضع للسّكن والتثاؤُب.
وقد يكون انزعج من تكلُّف إنسان هذه الأرض بالتكنلوجيا المُفرطة في مشهد أقرب للتناقض منه للواقعية الإقتصادية وهو يتفلتُ من القبضة الخفيّة ليّدِ آدم سميث النّاعمة.
ورُبما يالمُه أنهم اتّخذوا من سَنامه مكانا للرّاحة والإستجمام والتَّفكر في مُجريات الكون، دونَ أن يُصدر أنينا يُفزع المنبهرين على الأصح وبالرُّغم من الجراحات البادية على أديمه وجَنَباته، ثُم يَهمسُ في كظمٍ {فَخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشهواتِ فسوف يلقون غيَّا}.
السالك باب السالك