النمل الأبيض بريء.. هذه أسباب تشكل “دوائر الجن” الغامضة
وعزت الدراسة المنشورة بدورية “برسبكتيفز إن بلانت إيكولوجي، إيفولوشن آند سيستماتيكس” (Perspectives in Plant Ecology, Evolution and Systematics) في 20 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي- السبب في ذلك إلى الإجهاد المائي للنبات وليس النمل الأبيض كما كان يعتقد في السابق.
و”دوائر الجن” فجوات دائرية جرداء -ذات قطر يمتد من مترين إلى 12 مترا- توجد على مسافات متباعدة من بعضها بالأراضي العشبية في مراعي “صحراء ناميبيا” (Namib desert) وذلك على بعد حوالي 80-140 كيلومترا من الساحل بالجنوب الأفريقي الغربي وفي منطقة “بيلبارا” (Pilbara) غرب أستراليا.
حلقات جرداء غريبة
هناك الملايين من هذه الدوائر الغريبة في صحراء ناميبيا، وتُشكل معًا نمطا مميزا يرى لأميال عبر تلك المنطقة. وتتشكل هذه الدوائر الغريبة وتختفي دون سبب معروف، ويمتد متوسط عمرها إلى 41 عاما.
وحيرت “دوائر الجن” العلماءَ لما يقرب من نصف قرن. ووُضِعت نظريتان رئيستان لتفسير سبب تكونها:
- النمل الأبيض هو المسؤول عن ذلك
- هناك شكل من التنظيم الذاتي الذي يقوم به النبات.
وللتحقق من السبب وراء تكون هذه الدوائر، استغل العلماء غزارة هطول الأمطار موسمين استثنائيين على صحراء ناميبيا، وتابعوا أحداث الأمطار المتفرقة في عدة مناطق من الصحراء، وفحصوا الحشائش والجذور والبراعم، وكذلك الأضرار المحتملة التي قد يُلحقها النمل الأبيض بجذور النباتات.
كما ركب العلماء مستشعرات لرطوبة التربة في تلك الدوائر وحولها، وذلك لتسجيل محتوى التربة من الماء على فترات مدتها 30 دقيقة بدءا من موسم الجفاف عام 2020 حتى نهاية موسم الأمطار عام 2022.
ومكن ذلك الباحثين من رصد الأثر الذي أحدثته الأعشاب النامية عند أطراف هذه الدوائر على مياه التربة الموجودة في هذه الدوائر وحولها.
الإجهاد المائي سبب تكون دوائر الجن
وطبقا للبيان الصحفي -الذي نشرته جامعة “غوتينغن” تعقيبا على الدراسة- لاحظ العلماء موت الأعشاب داخل هذه الدوائر الغريبة بعد حوالي 10 أيام من هطول الأمطار. ولم تتم رؤية أي إنبات عشبي جديد داخل هذه الدوائر. وخلال 20 يوما كانت جميع النباتات المقاومة داخل هذه الدوائر ميتة تماما أو مُصفرّة اللون، بينما كانت الأعشاب المحيطة بهذه الدوائر حيوية وخضراء.
وعندما فحص الباحثون جذور الأعشاب الموجودة داخل الدوائر وقارنوها بالأعشاب الخضراء المحيطة، وجدوا أن جذور الأعشاب داخل الدوائر كانت طويلة أو أطول من تلك الموجودة بالخارج.
ويشير هذا إلى أن الأعشاب داخل الدوائر كانت تبذل جهدا أكبر لإنماء جذور أطول بحثًا عن الماء. وأصبح تلف الجذور أكثر وضوحا بعد 50 إلى 60 يوما من هطول الأمطار.
وعلى الرغم من ذلك، لم يجد الباحثون أي دليل على أن النمل الأبيض يتغذى على الجذور. مما يبرهن على أنه لم يكن سببا في ظهور هذه الحلقات الجرداء.
ويقول الدكتور ستيفان جيتزين، قائد الدراسة من جامعة غوتنغن “لا يمكن إرجاع الغياب المفاجئ للعشب في معظم المناطق داخل الدوائر إلى نشاط النمل الأبيض، إذ إنه لا توجد كتلة حيوية لهذه الحشرات لتتغذى عليها. والأهم أننا لاحظنا موت الأعشاب مباشرة بعد هطول الأمطار، مما ينفي اضطلاع النمل الأبيض بأي دور في موت هذه الحشائش”.
وعندما حلل الباحثون البيانات الخاصة بتقلبات رطوبة التربة، وجدوا أن شح مياه التربة داخل وخارج الدوائر كان بطيئًا للغاية بعد حادثة هطول الأمطار الأولى؛ إذ لم تكن الأعشاب راسخة بعد. ولكن عندما استقرت هذه الأعشاب في التربة، كان شح المياه في جميع المناطق سريعا للغاية رغم عدم وجود أي نباتات تقريبا داخل هذه الدوائر لتستهلك المياه.