دواء «سوتوراسيب» يبشر بعلاج عدد من سرطانات الرئة
أدى إلى انكماش الورم في حوالي 81% من عينة البحث.. وآثاره الجانبية لا تهدد حياة المرضى
كشفت دراسة حديثة أن عقار “سوتوراسيب” يقلل من حجم أورام الرئة الناتجة عن طفرة معينة في الحمض النووي، ما يبشر بنتائج واعدة في تحسين معدلات بقاء المرضى على قيد الحياة.
وحصل عقار “سوتوراسيب” (Sotorasib)، الذي تنتجه شركة “أمجين” (Amgen)، على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في 28 مايو 2021، كعلاج موجه للمرضى الذين يعانون من سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة، الذين تعبر أورامهم عن طفرة معينة تسمى (G12C) في جين (KRAS)، والذين خضعوا لعلاج واحد على الأقل من قبل.
وسرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة مصطلح يشير إلى عدة أنواع من سرطانات الرئة، تشمل سرطان الخلايا الحرشفية وسرطان الغدة الرئوية وسرطان الخلايا الكبيرة.
الدراسة قادها باحثون في كلية الطب بجامعة واشنطن في الولايات المتحدة ونشرتها دورية “ذا نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسين” (The New England Journal of Medicine) بالتزامن مع عرض نتائجها في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري اليوم “الجمعة” 4 يونيو.
وتم تصميم الدواء لإيقاف آثار الطفرة التي توجد في حوالي 13٪ من المرضى الذين يعانون من سرطان الغدة الرئوية، وهو نوع شائع من سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة، يشكّل أكثر من 80٪ من جميع سرطانات الرئة، ويتم تشخيص أكثر من 200 ألف حالة جديدة منه سنويًّا في الولايات المتحدة.
يوضح راماسوامي جوفيندان -أستاذ طب الأورام بكلية الطب في جامعة واشنطن، وقائد فريق البحث- أن “هذه المجموعة من المرضى يصعب علاج أورامهم، ولم نوفر لهم علاجات موجهة، لذلك يلبي الدواء الجديد احتياجات هؤلاء المرضى، ويستهدف الطفرات الأكثر شيوعًا التي يمكن أن نلاحقها”.
يقول “جوفيندان” في تصريحات لـ”للعلم”: حوالي ثلث المرضى الذين يتناولون هذا الدواء سجلوا انخفاضًا كبيرًا في حجم الورم، ونواصل دراساتنا على هذا الدواء لاختباره مع أدوية تجريبية أخرى لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا تحسين الاستجابات ومعدلات البقاء على قيد الحياة.
يضيف “جوفيندان”: هذا الدواء والأدوية المماثلة التي يتم اختبارها حاليًّا لعلاج المرضى الذين يعانون من سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة تمنح هؤلاء المرضى مزيدًا من الأمل.
ووفق البيان الصحفي المُصاحب للدراسة، فقد أجرى الفريق المرحلة الثانية من التجربة الإكلينيكية على 126 مصابًا بسرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة الذين لديهم طفرة معينة في جين (KRAS)، إذ يؤدي خطأ واحد في الحمض النووي إلى تبديل كتلة بناء بروتينية مهمة، وتصنع الأورام المصابة بالطفرة نسخة نشطة بشكل مستمر تقريبًا من بروتين (KRAS)، ما يؤدي إلى نمو الورم.
وتشير الدراسة إلى أن عقار “سوتوراسيب”، الذي يؤخذ في صورة حبوب عن طريق الفم يوميًّا، يمنع نمو الورم عن طريق محاصرة بروتين (KRAS) في شكله غير النشط.
وعولج معظم المرضى في التجربة سابقًا بالعلاج الكيميائي القياسي، إلى جانب دواء للعلاج المناعي يستهدف بروتينًا يسمى (PD-1).
ولتقييم هذا العلاج الجديد، تم علاج جميع المرضى المسجلين في الدراسة باستخدام “سوتوراسيب”، وتسبب الدواء على الأقل في انكماش الورم في 102 من أصل 126 مريضًا، أي حوالي (81%)، وتقلص حجم الأورام في حوالي 37٪ من المرضى بنسبة 30٪ على الأقل.
وفي المقابل، تراوحت معدلات الاستجابة للعلاج القياسي لدى هؤلاء المرضى في السابق من 6٪ إلى 20٪.
خلال التجربة، أظهر 42 مريضًا (33.3٪) استجابةً جزئيةً للعلاج، ما يعني أن الورم تقلص بشكل كبير وتم التحكم في نموه لفترة من الزمن، وأظهر 4 مرضى (2.38%) استجابةً كاملةً لم تترك أي دليل على المرض، وبالنسبة للأورام التي تقلصت، انخفض حجم الورم بنحو 60٪ في المتوسط.
ووفقًا للدراسة، فقد استمرت تأثيرات عقار “سوتوراسيب” 11 شهرًا في المتوسط، وأظهر الدواء أيضًا بقاءً خاليًا من التقدم، ما يعني أن الورم لم يستمر في النمو خلال هذا الوقت، لمدة 7 أشهر تقريبًا.
على النقيض من ذلك، فإن المرضى الذين يعانون من سرطان الرئة والذين يتلقون العلاج القياسي يتمتعون بمتوسط بقاء خالٍ من التقدم لمدة شهرين إلى 4 أشهر، وكان متوسط النجاة الإجمالي لجميع المرضى في التجربة 12 شهرًا.
يقول “جوفيندان”: نأمل أن يكون هذا النهج خيارًا جديدًا للمرضى المصابين بسرطان الرئة بسبب هذا النوع المحدد من التغيير الجيني لـ”KRAS”.
أما آثاره الجانبية، فقد توقف حوالي 7٪ من المرضى عن تناول علاج “سوتوراسيب” بسبب الآثار الجانبية الشديدة، ولكن لم تكن هناك آثار جانبية تهدد الحياة، ولم يتوفَّ أي مريض نتيجة العلاج.
وتسبَّب الدواء في أحداث سلبية شديدة بما يكفي لتقليص جرعة الدواء في حوالي 22٪ من المرضى، وعانى ما يقرب من 70٪ من المرضى من آثار جانبية مرتبطة بالدواء كان أكثرها شيوعًا الإسهال والتعب والغثيان وزيادة مستويات إنزيمات الكبد.
يتابع “جوفيندان”: أظهر “سوتوراسيب” فائدة مهمة سريريًّا دون أي مخاوف جديدة تتعلق بسلامة المرضى، ومن الآن فصاعدًا، سيسعى فريقنا إلى تقديم معلومات عن تطوير العلاجات التي تقارن بين هذا العقار والأدوية الناشئة الأخرى، ونُجري حاليًّا المرحلة الثالثة من التجربة الإكلينيكية التي تقارن فاعلية “سوتوراسيب” بعقار العلاج الكيميائي المسمى “دوسيتاكسيل” (docetaxel) على 345 مريضًا مصابًا بسرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة وطفرة KRAS.
المصدر : https://www.scientificamerican.com/